نظرة على الخصوصية

الخصوصية كلمة من جزأين، بسيطة لكنها تستحق التأمل. للخصوصية في المجال الرقمي أبعاد واسعة، وقد تناولت بوابات تكنولوجيا المعلومات هذا الموضوع بشكل أكبر أو أقل.
واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في هذه الأيام هي الرقابة والمتابعة السيبرانية التي تقوم بها الحكومات والخدمات الأمنية، بالإضافة إلى إمكانية اختراق المعلومات الشخصية في الفضاء الرقمي.

الصراع بين تيم كوك (المدير التنفيذي لشركة آبل) ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (FBI)، الذي طالب بعد الحادث الإرهابي في فرنسا بإيجاد وسيلة للوصول إلى معلومات منفذ التفجير وجميع مستخدمي آبل، قد واجه معارضة شركة آبل، مما أوجد جدلاً واسعًا في وسائل الإعلام.

بمناسبة اليوم العالمي للخصوصية، سنتناول في هذا المقال موضوع خصوصية مستخدمي الإنترنت من خلال دراسة خدمات السحابة الإلكترونية وطريقة عمل البرمجيات وتطبيقات شبكات التواصل الاجتماعي.

 

الخدمات السحابية وفوائد استخدامها

تتمثل وظيفة الخدمات السحابية في تخصيص مساحة لتخزين معلومات المستخدمين. في هذه الخدمات، تعمل العملية على النحو التالي: حيث يتم نقل المعلومات من الأنظمة الشخصية إلى خوادم خارجية (خارج الهاتف المحمول أو الكمبيوتر أو أي أجهزة رقمية أخرى للمستخدمين) ويتم الاحتفاظ بها هناك. تتيح الخدمات السحابية للمستخدمين الوصول إلى معلوماتهم في أي وقت ومكان، لكن ما هي الفوائد الملحوظة لهذه الخدمات؟

  • • عدم الاعتماد على الهاتف المحمول أو الكمبيوتر الشخصي في الوقت الذي تحتاج فيه إلى معلوماتك ولكن لا تستطيع الوصول إليها. باستخدام هذه الخدمة ومن خلال أي جهاز متصل بالإنترنت، يصبح الوصول إلى هذه المعلومات ممكنًا.
  • • إمكانية إنشاء نسخ احتياطية من معلوماتك بشكل لحظي، بالتزامن مع إنشاء أو تعديل البيانات.
  • • إمكانية الاستخدام المتزامن من عدة أجهزة، أي ما يُعرف بمزامنة البيانات (Data Synchronization) بين الأجهزة المختلفة.
  • • إمكانية مشاركة المعلومات أو الملفات واستخدامها من قبل عدة مستخدمين في نفس الوقت، مع إدارة وتحرير جماعي لها.
  • • إمكانية نقل المعلومات من الهاتف المحمول أو الكمبيوتر القديم إلى الجهاز الجديد الذي اشتريته عن طريق إعداد حسابك السحابي على الجهاز الجديد.

وأيضًا فوائد عديدة أخرى يمكن التحدث عنها بالتفصيل.

 

ما هي استخدامات الخدمات السحابية؟

من أكثر الاستخدامات شيوعًا للمساحة السحابية هو استخدامها على الهواتف المحمولة وأنظمة التشغيل iOS وAndroid وWindows Phone، والمعروفة باسم iCloud في منتجات شركة آبل، وGoogle Drive وGoogle Photos في أجهزة الأندرويد، وOneDrive في أجهزة ويندوز. ربما لا تعلم أن هذه الخدمات تقوم افتراضيًا بتخزين معلومات مثل دفتر العناوين، الرسائل القصيرة، الملاحظات، الصور ومقاطع الفيديو التي تم التقاطها عبر الهاتف، وذلك لإعداد نسخ احتياطية وتحديث المساحة السحابية من خلال الإنترنت على حسابك الشخصي وخوادم الشركة.

في بعض الحالات، حتى إذا لم تكن هذه الإعدادات مفعلة افتراضيًا، فقد تُفعّل بسهولة، وربما بسبب قلة اهتمام المستخدم، من خلال الموافقة أو رفض الرسائل التي تظهر على شاشة الهاتف، ويبدأ التحميل عبر الإنترنت.

من الذي يمكنه الوصول إلى المعلومات المخزنة في الخدمات السحابية؟

الإجابة بسيطة جدًا: الشركة التي تقدّم لنا هذه الخدمات مثل جوجل وآبل ومايكروسوفت، وأي شخص لديه كلمة مرور حسابنا الشخصي، والتي غالبًا ما تكون عنوان بريدنا الإلكتروني نفسه.

الآن، هذه فرصة جيدة للتفكير: هل كلمة مرور حساباتك الشخصية في أيدي أشخاص غير موثوقين؟ هل الشركات الكبرى مثل جوجل وآبل ومايكروسوفت يمكن أن تستغل معلوماتك؟ وما شعورك عندما تعلم أن نسخًا متعددة من معلوماتك تُنسخ يوميًا وبالتفصيل وتُخزن على خوادم ذات وصول تنظيمي؟

يتم استخدام الخدمات السحابية يوميًا في محادثاتنا وتواصلنا عبر التطبيقات المعروفة مثل تليغرام، واتس آب، وغيرها من التطبيقات المحلية والعالمية. ويجب أن تعلم أن الشركات المطوّرة لهذه التطبيقات، إلى جانب جوجل وآبل ومايكروسوفت، لديها وصول كامل إلى جميع مكالماتك الصوتية والمرئية والنصية وتقوم بتخزينها باستمرار.

على الرغم من أن هذه الشركات تدّعي أنها تقوم بتشفير معلوماتك بطريقة تمنع أي شخص آخر، حتى المسؤولين وأصحاب الشركات، من الوصول إليها، إلى أي مدى يمكننا تصديق هذا الادعاء؟

 

كيف يحصل القراصنة على معلوماتنا؟

باِفتراض أن معلوماتنا محفوظة بأمان وأن الحكومات والخدمات الأمنية لن تتمكن من الوصول إليها في الظروف العادية، فقد حان الوقت الآن لنراجع دخول المستخدمين غير المصرح لهم أو القراصنة، والذين يمكن تقسيمهم إلى فئتين.

الفئة الأولى: القراصنة المحترفون الذين يستهدفون قلب شركة ما بهدف محدد. هذه المجموعة عادةً تتمتع بمعرفة تقنية عالية وقادرة على اختراق أنظمة الأمان. عددهم قليل جدًا وبالنظر إلى مستوى الأمن العالي لدى مزوّدي هذه الخدمات، احتمالية نجاحهم في اختراق هذه الخدمات تكاد تكون معدومة. وإذا نجحوا، فسيكون بمقدورهم الوصول إلى معلومات جميع المستخدمين، لكن الخبر السار أن هدف هؤلاء غالبًا ليس شخصًا أو مستخدمًا بعينه، بل يكون مزوّد الخدمة نفسه هدفًا.

الفئة الثانية: القراصنة الذين لا يملكون المعرفة الكافية لاختراق أنظمة الأمان، والذين على الأرجح يستهدفون فردًا أو مجموعة أفراد بعينهم. لشرح طريقة عمل هؤلاء، نستخدم مثالًا بسيطًا. تخيّل أنك تعيش في منزل شديد الحماية، حيث تم إغلاق كل طرق دخول الأشخاص غير الموثوق بهم: جدران نارية، أنظمة أمنية متعددة، إنذارات متقدمة، أسلاك شائكة، وكل ما يخطر ببالك. فكيف تدخل أنت إلى هذا المنزل المحصّن؟ هل الدخول بالنسبة إليك صعب بنفس القدر؟ هذه الفئة من القراصنة لتجاوز الحواجز الأمنية تختار المسار الذي أنت نفسك تستخدمه للدخول والخروج. وفي الخدمات السحابية، يكون هذا المسار البسيط عبارة عن اسم مستخدم وكلمة مرور.

 

كيف نحمي حسابنا من الاختراق؟

إذا كنت متأكدًا من أن لا أحد يملك كلمة مرورك أو أن الأشخاص القريبين الذين تثق بهم فقط يعرفونها، فقد حان الوقت لمواجهة حقيقة بسيطة! العثور على كلمة المرور ليس صعبًا كما تظن. بقليل من الإهمال قد تُقدّمها للأشخاص ذوي النوايا السيئة. توضيح طرق الحصول على كلمة المرور يكون مفيدًا للأشخاص المسيئين، لذا سنتجنب شرح جميع الطرق بالتفصيل ونقدم نصائح لمنع القراصنة من الوصول إلى حسابك في الخدمات السحابية:

  • • أنشئ بريدك الإلكتروني وحسابك السحابي بنفسك، وتجنب شراء بطاقات أو حسابات جاهزة من البائعين. دائمًا هناك طرق متعددة لمنشئ أي حساب، وحتى مع تغيير كلمة المرور يمكنه استعادة كلمة المرور الجديدة.
  • • لا تستخدم معلوماتك الحقيقية، لأنه في هذه الحالة ليس من الصعب على من يعرفك تغيير كلمة المرور الخاصة بك. كل كلمة مرور قابلة للاسترجاع، وإذا نسيتها يمكنك استعادتها، عادةً من خلال الإجابة على أسئلة مثل سنة الميلاد، رقم الهاتف، الأسئلة الشائعة (مثل اسم أفضل صديق لك) وما إلى ذلك.
  • • لا تستخدم كلمات مرور بسيطة أو نمطية (حيث أن معرفة واحدة منها قد تساعد في كشف الباقي).
  • • تجنب كتابة كلمة المرور على ورق أو في ملاحظات الهاتف أو أي مكان يسهل الوصول إليه.
  • • لا تشارك كلمة المرور مع الآخرين، حتى الأصدقاء الموثوقين أو أفراد العائلة. قد يستهدف الأشخاص ذوو النوايا السيئة معلوماتك للوصول إليها.

ننصح باستخدام كلمة مرور معقدة وفق خوارزمية معينة، بحيث لا يكون تذكرها صعبًا بالنسبة لك. عند إنشاء الخوارزمية، احرص على سد جميع الطرق الممكنة لكشفها. ربما يكون عقلك هو أكثر مكان آمن يجب أن تحفظ فيه كلمة المرور. من الأفضل تغيير هذه الكلمات من وقت لآخر. تذكر أن هؤلاء الأشخاص أكثر من كونهم خبراء تقنيين، هم علماء نفس ماهرون ويستخدمون ما يعرف بـ Hoax (تقنيات نفسية للاختراق) للتسلل إلى خصوصيتك.

الخلاصة

الآن نعلم أن الخصوصية ليست خاصة تمامًا! لذلك من الأفضل عدم تخزين المعلومات الحيوية بالنسبة لك في الخدمات السحابية. ونؤكد مرة أخرى أن الكمبيوتر والهاتف ليسا المكانين الوحيدين لتخزين معلوماتك، ومع الاتصال بالإنترنت، تصبح معلوماتك متاحة عبر الخدمات السحابية.

گروه دیجیتال فریم لوگو

فريم دیجیتال في الشبكات الاجتماعية

© ٢٠٢٥ | التصميم والتطوير مع ❤️ بواسطة مجموعة فريم الرقمية

العربيةفارسیEnglish